سورة الشورى - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشورى)


        


{أو يوبقهن} أي يغرقهن ويهلكهن {بما كسبوا} أي بما كسبت ركابها من الذنوب {ويعف عن كثير} أي من ذنوبهم فلا يعاقب عليها {ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص} يعني يعلم الذين يكذبون بالقرآن إذا صاروا إلى الله تعالى ما لهم من مهرب من عذابه {فما أوتيتم من شيء} أي من زينة الدنيا {فمتاع الحياة الدنيا} أي ليس هو من زاد المعاد {وما عند الله} أي من الثواب {خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} والمعنى أن المؤمن والكافر يستويان في متاع الحياة الدنيا فإذا صارا إلى الله تعالى كان ما عند الله من الثواب خيراً وأبقى للمؤمن {والذين يجتنبون كبائر الإثم} يعني كل ذنب تعظم عقوبته كالقتل والزنا والسرقة وشبه ذلك {والفواحش} يعني ما عظم قبحه من الأقوال والأفعال {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} يعني يكظمون الغيظ ويجهلون {والذين استجابوا لربهم} يعني أجابوا إلى ما دعاهم إليه من طاعته {وأقاموا الصلاة} يعني المفروضة {وأمرهم شورى بينهم} يعني يتشاورون فيما يبدو لهم ولا يعجلون ولا ينفردون برأي ما لم يجتمعوا عليه قيل.
ما تشاور قوم إلا هدوا إلى أرشد أمرهم {ومما رزقناهم ينفقون والذين إذا أصابهم البغي} يعني الظلم والعدوان {هم ينتصرون} يعني ينتقمون من ظالمهم من غير تعد قال ابن زيد جعل الله تعالى المؤمنين صنفين صنف يعفون عمن ظلمهم فبدأ بذكرهم وهو قوله تعالى: {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} وصنف ينتصرون من ظالمهم وهم الذين ذكروا في هذه الآية، وقال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فإذا قدروا عفوا. وقيل: إن العفو إغراء للسفيه وقال عطاء: هم المؤمنون الذين أخرجهم الكفار من مكة وبغوا عليهم ثم مكنهم الله عز وجل في الأرض حتى انتصروا ممن ظلمهم ثم بين الله تعالى أن شرعة الانتصار مشروطة برعاية المماثلة.


{وجزاء سيئة سيئة مثلها} سمي الجزاء سيئة وإن لم يكن سيئة لتشابههما في الصورة وقيل لأن الجزاء يسوء من ينزل به، وقيل هو جزاء القبيح إذا قال أخزاك الله فقل له أخزاك الله ولا تزد وإذا شتمك فاشتمه بمثلها ولا تعتدوا وقيل هو في القصاص في الجراحات والدماء يقتص بمثل ما جنى عليه وقيل إن الله تعالى لم يرغب في الانتصار بل بين أنه مشروع ثم بين أن العفو أولى بقوله تعالى: {فمن عفا} أي عمن ظلمه {وأصلح} أي بالعفو بينه وبين الظالم {فأجره على الله} قال الحسن: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من كان له على الله أجر فليقم فلا يقوم إلا من عفا ثم قرأ هذه الآية: {إنه لا يحب الظالمين} قال ابن عباس: الذين يبدؤون بالظلم {ولمن انتصر بعد ظلمه} أي بعد ظلم الظالم إياه {فأولئك} يعني المنتصرين {ما عليهم من سبيل} أي بعقوبة ومؤاخذة {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس} أي يبدؤون بالظالم {ويبغون في الأرض بغير الحق} أي يعملون فيها بالمعاصي {أولئك لهم عذاب أليم ولمن صبر} أي لم ينتصر {وغفر} تجاوز عن ظالمه {إن ذلك} أي الصبر والتجاوز {لمن عزم الأمور} يعني تركه الانتصار لمن عزم الأمور الجيدة التي أمر الله عز وجل بها وقيل إن الصابر يؤتي بصبره الثواب فالرغبة في الثواب أتم عزماً {ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده} يعني ما له من أحد يلي هدايته بعد إضلال الله إياه أو يمنعه من عذابه {وترى الظالمين لما رأوا العذاب} يعني يوم القيامة {يقولون هل إلى مرد من سبيل} يعني أنهم يسألون الرجعة إلى الدنيا.


{وتراهم يعرضون عليها} أي على النار {خاشعين من الذل} أي خاضعين متواضعين {ينظرون من طرف خفي} يعني يسارقون النظر إلى النار خوفاً منها وذلة في أنفسهم، وقيل ينظرون بطرف خفي أي ضعيف من الذل، وقيل ينظرون إلى النار بقلوبهم لأنهم يحشرون عمياً والنظر بالقلب خفي {وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم} يعني بأن صاروا إلى النار. {وأهليهم يوم القيامة} يعني وخسروا أهليهم بأن صاروا لغيرهم في الجنة {ألا إن الظالمين في عذاب مقيم وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل} أي وصول إلى الحق في الدنيا والجنة في العقبى فقد استدت عليهم طرق الخير {استجيبوا لربكم} أي أجيبوا داعي الله يعني محمداً صلى الله عليه وسلم {من قبل من أن يأتي يوم لا مرد له من الله} أي لا يقدر أحد على دفعه وهو يوم القيامة وقيل هو يوم الموت {ما لكم من ملجأ يومئذ} أي ما لكم من مخلص من العذاب وقيل من الموت {وما لكم من نكير} أي ينكر حالكم وقيل النكير الإنكار يعني لا تقدرون أن تنكروا من أعمالكم شيئاً {فإن أعرضوا} أي عن الإجابة {فما أرسلناك عليهم حفيظاً} أي تحفظ أعمالهم {إن عليك إلا البلاغ} أي ليس عليك إلا البلاغ وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم {وإنا أذا أذقنا الإنسان منا رحمة} قال ابن عباس: يعني الغنى والصحة {فرح بها وإن تصبهم سيئة} أي قحط {ما قدمت أيديهم} أي من الأعمال الخبيثة {فإن الإنسان كفور} أي لما تقدم من نعمة الله تعالى عليه.
قوله عز وجل: {لله ملك السموات والأرض} يعني له التصرف فيهما بما يريد {يخلق ما يشاء} أي لا يقدر أحد أن يعترض عليه في ملكه وإرادته {يهب لمن يشاء إناثاً} أي فلا يولد له ذكر {ويهب لمن يشاء الذكور} أي فلا يولد له أنثى.

1 | 2 | 3 | 4 | 5